الخفاض في الإسلام
لم يقُل أي من الفقهاء بأن الخفض حرام أو مكروه تحريما أو تنزيها. وله
مشروعية وجواز في الجملة عند الجميع، وإن تجاوز الحدود الشرعية المتَّفق
عليها يحرم [18]. واختلف علماء الفقه والمذاهب مختلفة في حكم الخفاض بين مَن يوجبه ومَن يستحبه، ومَن يقول: إنه مجرَّد مَكرُمة للمرأة[18]. فعند الأحناف مكرمة [19] وعند المالكية مندوب [20] وعند الشافعية واجب [21] وعند الحنابلة مكرمة غير واجب [22] وعند الإباضية مكرمة غير واجب [23]. قال النووي «الختان في المرأة: قطع أدنى جزء من الجلدة التي في أعلى الفرج وهي فوق مخرج البول، تشبه عرف الديك» [24] وقال الحافظ العراقي «الختان
هو قطع القلفة التي تغطي الحشفة من الرجل، وقطع بعض الجلدة التي في أعلى
فرج المرأة، ويُسَمَّى ختان الرجل إعذارًا، وختان المرأة خفضًا» وقال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني «أعلم أن خثن النساء كان معروفاً عند السلف خلافاً لما يظن من لا عِلْمَ عنده».[25].وقال مفتى الأزهر «أن
ختان البنات من سنن الإسلام وطريقته لا ينبغى إهمالها، بل يجب الحرص على
ختانهن بالطريقة والوصف الذى علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم حبيبة،
وينبغى البعد عن الخاتنات اللاتى لا يحسن هذا العمل. وقد وكل الله سبحانه
أمر الصغار إلى آبائهم وأولياء أمورهم. فمن أعرض عنه كان مضيعا للأمانة
التى وكلت إليه». وقال ابن باز «الختان من سنن الفطرة، وهو للذكور والإناث، إلا أنه واجب في الذكور، وسنة ومكرمة في حق النساء».[26] وقال أبو حفص سراج الدين الحنبلي الدمشقي «أمَّا
ختان المرأة، فشَفران مُحيطان بثلاثة أشياء: ثُقْبة في أسفل الفَرْج، وهو
مدخل الذَّكَر، ومخرج الحَيْض والوَلَد، وثُقبة أخرى فوق هذه مثل إحليل
الذَّكَر، وهي مخرج البول لا غير، وفوق ثُقبة البول موضع ختانها، وهنا
كجلدة رقيقة قائمة مثل عُرْف الدِّيك، وقَطْع هذه الجلدة هو ختانها».[27]. وقال الشيخ علام نصار «ختان
الأنثى من شعار الإسلام، وردت به السنة النبوية، واتفقت كلمة فقهاء
المسلمين وأتمتهم على مشروعيته مع اختلافهم في كونه واجباً أو سنة ،فإننا
نختار في الفتوى : القول بسنيته لترجح سنده ووضوح وجهته، والحكمة في
مشروعيته ما فيه من تلطيف الميل الجنسي في المرأة، والاتجاه به إلي
الاعتدال المحمود».[28]. وقال الشيخ جاد الحق على جاد الحق «اتفق
الفقهاء على أن الختان في حق الرجال، والخفاض في حق الإناث مشروع، ثم
اختلفوا في كونه سنة أو واجباً، الختان للرجال والنساء من صفات الفطرة التي
دعا إليها الإسلام وحث على الالتزام بها، ولم يُنقل عن أحد من فقهاء
المسلمين _ فيما طالعنا من كتبهم التي بين أيدينا –القـول بمنع الختـان
للرجـال أو للنسـاء، أو عـدم جــوازه، أو إضراره بالأنثى، إذا هو تم على
الوجه الذي عَلمه الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأم حبيبة،
وأما الاختلاف في وصف حُكمه، بين واجب، وسُّنة، ومَكرمة، فيكاد يكون
اختلافاً في الاصطلاح الذي يندرج تحته الحكم. إن ختان البنات من فطرة
الإسلام وطريقته على الوجه الذي بينه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-، فإنه لا يصح أن يُتركَ توجيهه وتعليمه إلى قول غيره، ولو كان
طبيباً، لأن الطب علم، والعلم متطور، تتحرك نظرته ونظرياته دائماً، ولذلك
نجد أن قول الأطباء في هذا الأمر مختلف، فمنهم من يرى ترك ختان الإناث،
وآخرون يرون ختانهن، لأن هذا يهذب كثيراً من إثارة الجنس لا سيما في سن
المراهقة، التي هي أخطر مراحل حياة الفتاة، وأضاف الأطباء والمؤيدون لختان
النساء : أن الفتاة التي تُعرض عن الختان تنشأ من صغرها، وفي مراهقتها حادة
المزاج، سيئة الطبع، وهنا أمر قد يصوره لنا ما صرنا إليه في عصرنا من
تداخل وتزاحم، بل وتلاحم بين الرجال والنساء في مجالات الملاصقة والزحام
التي لا تخفى على أحد، فلو لم تقم الفتاة بالاختتان، لتعرضت لمثيرات عديدة
تؤدي بها _ مع موجبات أخرى تذخر بها حياة العصر وانكماش الضوابط فيه _ إلي
الانحراف والفساد ولما كان ذلك : ففي واقعة السؤال : قد بان أن ختان البنات
من سنن الإسلام وطريقته، لا ينبغي إهمالها بقول أحد، بل يجب الحرص على
ختانهن بالطريقة والوصف الذي عَلَّمه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- أم حبيبة».[29] وقال شيخ الإسلام أحمد بن تيمية « تُختتن
المرأة، وختانها أن تقطع أعلى الجلدة التي كعرف الديك. قال رسول الله
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للخافضة : وهي الخاتنة أشمي ولا
تنهكي، فإنه أبهى للوجه، واحظى لها عند الزوج." يعنى : لا تبالغي في القطع،
وذلك أن المقصود بختان الرجل تطهيره من النجاسةالمحتقنة في القلفة،
والمقصود من ختان المرأة تعديل شهوتها فإنها إذا كانت قلفاء كانت مغتلمة،
شديدة الشهوة.ولهذا يوجد من الفواحش في نساء التتار والإفرنج ما لا يوجد في
نساء المسلمين، وإذا حصلت المبالغة في الختان ضعفت الشهوة فلا يكمل مقصود
الرجل فإذا قطع من غير مبالغة حصل المقصود باعتدال».[30] وقال ابن القيم «لا خلاف في استحباب الختان للأنثى واختُلف في وجوبه».[31] وقال الشيخ عطية صقر «إن
الصيحات التي تنادي بحرمة ختان البنات صيحات مخالفة للشريعة ،لأنه لم يرد
نص صريح في القرآن والسنة ولا قول للفقهاء بحرمته ،فختانهن دائر بين الوجوب
والندب. وإذا كانت القاعدة الفقهية تقول :حكم الحاكم برفع الخلاف فإنه في
هذه المسألة له أن يحكم بالوجوب أو الندب، ولا يصح أن يحم بالحرمة، حتى لا
يخالف الشريعة التي هي المصدر الرئيسي للتشريع في البلاد التي ينص دستورها
على أن الإسلام هو الدين الرئيسي للدولة ومن الجائز أن يشرع تحفظات لحسن
أداء الواجب والمندوب بحيث لا تتعارض مع المقررات الدينية».[32] وقالت جمعية أم عطية أن الفرق بين الختان الشرعي والفرعوني واضح ولكن يتعمد اللبس لتشويش الصورة ولتمرير مفاهيم اجتماعية غربية [33]. ويكون الخفض مشروعا للائي في حاجة إلي الختان ويعرف ذلك عن طريق طبيبة مسلمة، ذات خبرة بختان الإناث.[34]
وقال القرضاوي أن تحريم الختان للإناث يكون في حالة تجاوز الإشمام إلى
النهك، أي الاستئصال والمبالغة في القطع، التي تحرِم المرأة من لذَّة
مشروعة بغير مبرِّر، وهو ما يتمثَّل فيما يسمونه (الخفاض الفرعوني)، أو أن
يباشر هذا الختان الجاهلات من القابلات وأمثالهن، وإنما يجب أن يقوم بذلك
الطبيبات المختصَّات الثقات، فإن عُدمن قام بذلك الطبيب المسلم الثقة عند
الضرورة، وأن تكون الأدوات المستخدمة مُعقَّمة وسليمة، وملائمة للعملية
المطلوبة، وأن يكون المكان ملائما، كالعيادات والمستشفيات والمراكز الصحية،
فلا يجوز استخدام الأدوات البدائية، وبطريقة بدائية، كما يحدث في الأرياف
ونحوها. وأضافت د. آمال أحمد البشير أن الخطوات الصحيحة في الختان الشرعي
للائي في حاجة لهن لا يشكل أي خطورة، وشرحت أن الخطوات تبدأ بتهئية الطفلة
من الناحية النفسية واختيار الوقت المناسب للطفلة والتأكد من عدم وجود
حالات نزف دموي وراثي بالأسرة، وأيضا عدم وجود تشوهات خَلقية بالأعضاء
التناسلية للطفلة، ويجب أن يكون بمعدات معقمة واستخدام محاليل الإبثانول
واستخدام البنج الموضعي(1% lidocaine) بواسطة حقنة صغيرة (Hypodermic
needle) ومن ثم إزالة الطبقة السطحية والداخلية للقلفة دون قطع رأس البظر
أو أي من جلد جسم البظر تنتهي بالنظافة ومسح الفازلين ووضع القطن ومراعاة
عدم ترك فرصة لحدوث التصاقات ومتابعة نظافة الجرح في الأيام التالية بواسطة
الماء والصابون أوالماء والملح، وذكر د.محمد علي البار أنه يفضل استخدام
الطرق الطبية التشريحية والتي ثبت أنها أفضل الطرق وأبعدها عن حدوث
المضاعفات [35].
وتقول د. آمال أحمد البشير أن المنظمات الطبية والدراسات الاجتماعية لم
تثبت وجود أي مخاطر للخفض وأن الختان الشرعي "الخفض" لم يكن ممنوعا من
منظمة الصحة العالمية(WHO). ووجد له تعريف صريح في بعض الكتب المنشورة
للمنظمة سابقا. ولكن في السنوات الأخيرة أدمج هذا الختان مع النوع الأول
(Type I) لتشويه الأعضاء التناسلية للأنثى (FGM) بحجة أن ممارسة المسلمين
له غير، وذكرت د. آمال أحمد البشير في دراسة بعنوان "ختان الأنثى في الطب
والإسلام، بين الإفراط والتفريط" وفق دراسات طبية واجتماعية أن الحرب على
الختان ليس لها أساس طبي صحيح، وفي دراسة غربية أعلن أطباء واختصاصيين أنه
لا توجد أدلة تشير إلى مخاطر الختان وأن بعض الدراسات تأتي بنتئائج متضاربة
ولا يمكن الجزم على أساسها وأن بعض الدراسات تشير إلى وجود فوائد في
الختان[36]
تاريخيًا عند العرب
جاء في لسان العرب:خَتَنَ الغلامَ والجارية يَخْتِنُهما ويَخْتُنُهما
خَتْنًا، والاسم الخِتانُ والخِتانَةُ، وهو مَخْتُونٌ.والخَتْن للرجالِ،
والخَفْضُ للنساء، والخَتِين المَخْتُونُ الذكر والأُنثى في ذلك سواء. كان
الختان معروفاً عند العرب حيث توارثوه عن النبي إبراهيم، وكان العرب
يُعرفون عند غيرهم بأنهم أمة الختان[34]. والختان السني للبنات يكون بقطع الجلدة التي تغطي رأس البظر ويبقى أصلها الذي يشبه النواة [37].
كما ذكر العلماء أن الختان يعتمد في الأساس على حاجة الفتاة له، وتختلف
الحاجة باختلاف المفاهيم التربوية والجغرافيا، ويمارس بكثرة في المناطق
الحارة من صعيد مصر والسودان وشبه الجزيرة العربية، والغاية منه تهذيب
الشهوة ومنع الالتهابات والطهارة والنظافة عند الإناث. وقال ابن حاج إن
السنة هي إشهار ختان الذكور وإخفاء ختان الإناث، وأن أصل الخلق في أهل
المشرق أنهم يؤمرون بالفضيلة والعفة[38].
وعرفت أنواع أخرى من الختان، ومنها الختان الفرعوني في عصور مصر الفرعونية
القديمة وفي أنحاء أخرى عديدة ومناطق مختلفة في العالم، ويكون الختان
بإزالة أجزاء كبيرة من البظر إزالة كلية أوجزئية، بحيث يؤدي إلي فقدان
المرأة شهوتها تماماً [39].
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق